مامعنى صلاة الوتر و كيفية ادائها؟

مامعنى صلاة الوتر و كيفية ادائها؟

جاءت صلاةُ الوتر لتكون خاتمة الصّلوات، إذ إنَّ المُسلم يُنهي صلاته اليوميّة بها، وبها تكون ركعات الصّلاة زوجيَّةً بعد أن كان عدد ركعاتها فرديَّاً، فإنّ المُسلم مأمورٌ بأن يأتي بسبع عشرة ركعةٍ وُجوباً في اليوم واللّيلة عدا السُّنَنُ والنّوافل، فإن صَلَّى ثلاث ركعات وترٍ يُصبح عدد ركعات صلاته عشرين ركعةً، فإن أضفنا لها عشر ركعاتٍ من السُّنن على أقل تقديرٍ أصبح عددها ثلاثين ركعةً، وبدون الوتر فإنّها تبقى فرديّةً، وقد حثَّ المُشَرِّعُ على صلاة الوتر وأمر بها لدرجة أنَّ بعض الفُقهاء عدَّها فرضاً سادساً تُضاف إلى الصّلوات الخمس، وفيما يأتي بيانٌ لبعض أحكام صلاة الوتر، وكيفيّة أدائها ووقتها وغير ذلك من المَسائل.

معنى صلاة الوتر

الوتر لُغَةً: من وَتَرَ، والوتر: الفَرد، وتُلفَظُ وَتْر ووِتر بِالفَتح والكَسر، قََوْلُه إِذا استجمرت فأوتر: أي ليكُن عَددها وتراً، وَصَلَاة الْوتر من هَذَا لكَونهَا رَكْعَة أَو ثَلَاثة؛ فعددها فَرد. وَقَوله: وتأتي بمعنى نَقُصَ، يُقَال وَتَرتَه أَي نقصته وَقيل مَعْنَاهُ أَصَابَهُ مَا يُصِيب المَوتور، وتأتي بِمَعْنى يظلمك، يُقَال وَتَرَه إِذا ظلمه.

الوتر في الاصطلاح: هي صلاةٌ مَخصوصةٌ في أوقاتٍ مَخصوصةٍ تُختَتَمُ بها صلاة اللّيل؛ سواء كان في أول اللّيل، أو وسطه، أو آخره، وتكون عدد ركعاتها فرديةً، ولذلك سُمِّيَت وِتراً.

 

كيفيّة صلاة الوتر

صلاةُ الوتر كغيرها من الصَّلوات، ولكنّها تختلف عن باقي الصّلوات بكونها فرديَّةً؛ فتُصلَّى بركعةٍ واحدةٍ أو ثلاث، أو خمس، أو سبع، أو أحدى عشرة، أو ثلاث عشرة ركعةً، ولهذا السَّبب فقد وُجِد لصلاة الوتر عدَّةُ كيفيّات بناءً على عدد الرَّكعات، ولمعرفة الكيفيّة بالتّفصيل لا بُدَّ من ذكر أقوال الفُقهاء بخصوص عدد ركعاتها.

 

عدد ركعات صلاة الوتر

اختلف العُلماء في عدد ركعات صلاة الوتر على النَّحو الآتي:

ذهب الحنفيّة إلى أنَّ عدد ركعات صلاة الوتر ثلاث ركعاتٍ تُصلّى كالمغرب بتسليمةٍ واحدةٍ، واحتجّوا على ذلك بما رُوِي عن ابن مسعود وابن عباس وعائشة – رضي الله عنهم – أنّهم قالوا: (كان رسول الله – صلى الله عليه وسلم – يوتر بثلاث ركعات).

ذهب المالكيّة إلى أنَّ الوتر ركعةٌ واحدةٌ لها شفع (صلاة زوجيّة) وأقلُّ الشّفع ركعتان، واستدلّوا على ذلك بقوله – عليه الصّلاة والسّلام-: (صلاة الليل مَثنى مَثنى، فإذا خشي أحدكم الصّبح صلّى ركعةً واحدةً تُوتر له ما قد صلّى)؛ فنصّ على أنّ الرّكعة تكون وتراً، واستدلوا كذلك بما روت عائشة أن النّبي – عليه الصّلاة والسّلام – (كان يُصلّي باللّيل إحدى عشرة ركعةً يُوتر منها بواحدة)، ويُروَى أنّ رجلاً سأل النّبي – عليه الصّلاة والسّلام – عن صلاة اللّيل فقال بإصبعه: (هكذا مَثنى مَثنى، والوتر ركعةٌ من آخر اللّيل).

ذهب الشافعيّة إلى أنَّ أقلَّ عدد ركعات الوتر واحدةٌ، وأدنى الكمال ثلاث ركعاتٍ، ويجوز أن يُوتر بخمسٍ أو بسبعٍ أو بتسعٍ، وأكثرها إحدى عشرة ركعة، وقيل: ثلاث عشرة ركعة، ودليله ما رُوِي عن النّبي – عليه الصّلاة والسّلام – أنّه قال: (من شاء أوترَ بسبعٍ ومن شاء أوترَ بخمسٍ، ومن شاء أوترَ بثلاثٍ، ومن شاء أوترَ بواحدةٍ).

وقال الزهريّ: (هي في رمضان ثلاث ركعات وفي غيره ركعة)، وقال الحسن: (أجمَعَ المُسلمون على أنّ الوِتر ثلاثُ ركعاتٍ بتسليمةٍ واحدةٍ في آخِرِهِنّ؛ لأنّ الوتر من النّوافل، والنّوافل جاءت فرضيتها كتوابعَ للفرائض، فيجب أن يكون لها مثيلٌ منها، والرّكعة الواحدة ليس لها مثيلٌ في الصّلوات المفروضة)، ومَثيلَتُها في الفرائض من حيث الإفراد في عدد الرّكعات صلاة المغرب فتُصلى كالمغرب؛ ثلاث ركعاتٍ بتسليمةٍ واحدة.

ذهب الحنابلة إلى أنَّ أقلَّ الوتر ركعةً، ولا يُكره الإتيان بها مُنفردةً كما يقول الشافعيّة، وأكثرها إحدى عشرة ركعةً، وله أن يُوتر بثلاث، وهو أقلّ الكمال، وبخمس، وبسبع، وبتسع.

 

كيف تُصَلّى الوتر

بناءً على ما سَلَف ذكرُهُ من خلافٍ بين الفُقهاء في عددِ ركعات صلاة الوتر فقد نتج لها عِدَّةُ كَيفيَّاتٍ هي:

– أن يُصلِّي إحدى عشرة ركعةً يفصل بين كلّ ركعتين منهما بتشهُّدٍ وسلام، ثمَّ يأتي بركعةٍ ويُسلِّم. وهذه الصّورة قال بها المالكيّة والشافعيّة والحنابلة.

– أن يُصلِّي ثلاث عشرة ركعةً يُسلّم بين كلّ ركعتين ثمَّ يوتِر بواحدةٍ ويُسلِّم. وهذه الصّورة أيضاً قال بها المالكيّة والشافعيّة والحنابلة.

– أن يُصلِّي ثلاث عشرة ركعةً يُسلّم بين كلّ ركعتين حتّى الثّامنة، ثُم يُصلّي خمس ركعاتٍ بتسليمةٍ واحدة. وقال بهذه الصّورة المالكيّة والحنابلة. أن يأتي بتسع رَكعاتٍ لا يجلسُ بينهنّ إلا في الثّامنة، وفي الثّامنة يتشهَّدُ، ثم يأتي بالتّاسعة ويُسلِّم.

– أن يأتي بسبع رَكعاتٍ لا يجلسُ بينهنّ إلا في آخر ركعةٍ ثم يُسلِّم.

– أن يُصلّي سبع رَكعاتٍ لا يجلسُ بينهنّ إلا في الرَّكعة السَّادسة يتشهَّدُ فيها، ثم يقوم للسّابعة وينتهي بها بعد التشهّد.

– أن يُصلّي خمس ركعاتٍ بتشهيدةٍ واحدةٍ وسلامٍ واحد. أن يُصلّي ثلاث ركعات يفصل بينهما بسلامٍ بعد ركعتَي الشّفع ثمَّ يأتي بواحدة يتشهّد فيها ويُسلِّم. وقد اتَّفق الفُقهاء على هذه الصّورة باستثناء الحنفيّة.

– أن يُصلّي ثلاث ركعاتٍ بتسليمةٍ واحدةٍ وتَشَهُّدٍ واحدٍ، وهذه الصّورة هي الوحيدة عند الحنفيّة، وقيل أن يُصلّي ثلاث ركعاتٍ بتشهُّدين وسلامٍ واحد كصلاة المغرب.

– أن يُصلّي ركعةً واحدةً مُنفردةً، وقد أجاز ذلك الشافعيّ مع الكراهة، وأجازها الحنابلة دون كراهة، وقد مرَّ بيان ذلك كلِّه.

 

حُكم صلاة الوتر

اختلف الفُقهاء في حُكم صلاة الوتر على النّحو الآتي:

– ذهب أبو حنيفة وزُفَر إلى وجوب صلاة الوتر: والواجب عند أبي حنيفة يقع عنده بمنزلةٍ أدنى من الفرض، فالفرض عنده ما ثبت بدليلٍ قطعيّ الثّبوت، والواجب ما ثبت بدليلٍ ظَنّي الثّبوت، ودليله قول الرّسول -عليه الصّلاة والسّلام- : (إنَّ اللهَ تعالى زادكم صلاةً وهي الوترُ، فصلوها فيما بين صلاةِ العشاءِ إلى صلاةِ الصبحِ).

– ذهب المالكيّة والشَافعيّة وسفيان الثوريّ والأوزاعيّ وصاحبا أبي حنيفة محمد وأبو يوسف إلى أنّ صلاة الوتر سُنّةً، وليست واجبةً ولا فرضاً، واستدل أصحاب هذا الفريق بما رُويَ عن ابن عباس أنّ النبيّ -عليه الصّلاة والسّلام- قال: (ثلاثٌ هنَّ عليَّ فرائضٌ ولكم تطوّعٌ: النّحرُ، والوترُ، وركعتا الضُّحى. لفظ أحمد ، وفي روايةٍ للدارَقُطنيِّ: وركعتا الفجرِ بدل وركعتا الضُّحى). كما رُوِيَ أن النَّبيَّ -عليه الصّلاة والسّلام- قال: (الوتر حقٌّ مسنون، وليس بواجب).

وقت صلاة الوتر

الوتر كغيرها من الصّلوات لها وقتٌ مَخصوصٌ لا تصحُّ إلا به، فإن خرج وقتها صُلِّيَت قضاءً، وإن أدَّاها في غير وقتها فقد وَقعت في غير مَحلِّها، وبالتّالي وقعت باطلةً، ويكون للمُصلّي على ذلك أجر صلاةٍ نافلةٍ لا وتر.

 

وقت الأداء

أمّا وقت أدائها فقد أجمع العُلماء أنّ ابتداءه يكون بعد صلاة العِشاء مُباشرةً، وأنّه ينتهي بطلوع الفجر الثّاني (الفجر الصّادق)، لقول رسول الله -عليه الصّلاة والسّلام-: (إنَّ اللَّهَ عزَّ وجَلَّ قَد أمدَّكُمُ بِصلاةٍ هِيَ خيرٌ لَكُم من حُمُرِ النَّعَمِ، وهيَ الوِترُ، فجَعلها لكم فيما بينَ العشاءِ إلى طلوعِ الفجرِ).

 

وقت القضاء

اختلف الفُقهاء فيما لو ترك صلاة الوتر: هل يقضيها أم يتركها؟ وبيان ما ذهبوا إليه فيما يأتي:

– ذهب الحنفيّة إلى أنَّ من لم يُصَلِّ الوتر في وقتها الذي ذُكِر سابقاً، فقد وَجَبَ عليه القضاء سواءً كان تركه لها عمداً أم نِسياناً، حتى إن طالت المُدّة، فإن صَلَّى الفجر وهو ذاكرٌ أنّه لم يُصلِّ الوتر دون أن يَقضيها فصلاة الفجر فاسدةٌ عنده؛ لوجوب التّرتيب بين الوتر والفريضة.

– ذهب الإمام مالك إلى أنّه يُصلّي قبل صَلاة الفجر، فَإن لم يفعل حتّى طَلَعت الشّمس فلا قَضاءَ عليه.

– ذهب الشافعيّة إلى أنَّ من نَسِيَ الوتر حتّى صَلّى الصُّبحَ أنّه لا يُعيد.

– ذهب الأوزاعيّ إلى أنّه إن ترك الوتر فإنّه يقضيه متى ذكره في يومه حتّى يُصلّي عشاءَ اليوم التّالي؛ فإن لم يذكره حتّى صلّى العشاء فلا قضاء عليه بعد طلوع الفجر.

– ذهب سُفيان الثوريّ إلى أنّه إذا طلعت الشّمس فإنه بالخيار، فإن شاء قَضاها وإن شاء لَم يَقضِها.

اترك رد